أرشيف المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 3 ديسمبر 2014

مقال الأستاذة مايا الحاج عن « إبنة سوسلوف » في مجلة: لها.



عدن... المدينة المنفصمة في ابنة سوسلوف  

مايا الحاج

بين التاريخ المعاصر لليمن وواقعه الراهن، تدور أحداث «ابنة سوسلوف» (دار الساقي)، الرواية الجديدة للكاتب اليمني المقيم في فرنسا، حبيب عبد الرب سروري. وقد اختار الكاتب لبطله عمران أن يختزل بحكاياته وتجاربه وحواراته الحميمة مع «ملاك الموت» تلك الفترة الزمنية بكلّ تناقضاتها ومشاكلها وتعقيداتها. يروي عمران سيرته منذ أن كان في مطلع شبابه، فيعود إلى مرحلة السبعينات حين كان يعيش في اليمن قبل أن يحصل على منحة استكمال دراسته الجامعية في واحدة من أهم دولتين أوروبيتين، فرنسا أو ألمانيا. وكانت قي تلك المرحلة قد تسرّبت المبادئ الإشتراكية إلى ذهنه، فاختار فرنسا لعله يرى عن كثب انهيار الرأسمالية بأم عينه. وهذه واحدة من الروايات القليلة التي تستثمر يوميات « الاشتراكية العلمية» في عدَن، وهي تجربة تستحق أن تُرصد، باعتبار أن نظام يساري تمكن من الوصول الى رأس دولة عربية مسلمة، معظم قيادتها قبليّة نصف أمية. لكنّ أفكاره سرعان ما تتغيّر في فرنسا بعد أن يقع في غرام امرأة تُغيّر له الكثير من مفاهيمه، يتزوجها ويجد السعادة الحقيقية معها، لكنّ الإرهاب يسرقها منه بعد حادثة تفجير في إحدى محطات المترو في فرنسا. يعود عمران إلى اليمن (المتحّد شمالاً وجنوباً)، ليجد أن السنوات التي أمضاها خارجاً قد جعلت وطنه غريباً عنه.
في صنعاء، يلتقي عمران بامرأة تشبه إلى حدّ بعيد فاتن، الفتاة التي أحبّها في مراهقته وهي ابنة «سوسلوف»، الماركسي العتيق. «أمة الرحمن» هو اسمها، أو هاوية كما يُسميها الراوي. إنها داعية سلفية تشبه المدينة في تحولها وفصاميتها. متطرفة في أفكارها إلاّ أنها لا تمانع أن تُمارس مع عمران حبّاً محرّماً. وبعيد اندلاع الثورة اليمنية في فبراير، يتولّد الأمل من جديد في قلب الراوي الذي يعتقد أنّ الخلاص من تلك الأفكار الظلامية المنتشرة في المدن اليمنية لن يتحقّق إلاّ في مثل هذه الثورات الشعبية الكثيفة. هكذا، ينزل عمران إلى الساحات مدفوعاً برغبة في التغيير، حاملاً أحلاماً قديمة وفكراً متنوراً ليجد نفسه بين «سلفيين» يثورون معه على نظام كان دوماً راعيهم.
يُعرّف الناشر «ابنة سوسلوف» بأنها رواية تخوض في المحرّم لتحكي واقع اليمن المعاصر وتاريخ عدن وهي تتحوّل إلى مدينة مقهورة، بعد أن كان لها من اسم الجنة نصيب».
لا يقف التداخل بين الماضي والحاضر أو التاريخ والواقع في الرواية عند حدّ السرد، إنما يستخدم الكاتب لغة وتقنيات وأساليب كتابية تتماهى وجوّ الرواية الممتدّ بين زمنين منفصلين. فهو مرّة يختار السرد الكلاسيكي، ومرّة أخرى يستخدم «الستاتوس» و«البوستات» كما في «الفايسبوك»، مما يمنح الرواية بُعداً واقعياً.  وفي«ابنة سوسلوف»، يحافظ صاحب «أروى» على تلك اللغة النقدية الثائرة التي ميزت أعماله، إضافة إلى حرفيته في المزج بين تاريخ معاصر وواقع يشهد تسلّل الأفكار الظلامية إليه، لكنّ النبرة في هذه الرواية جاءت أكثر صراحة ووضوحاً، كأنها صرخة صادقة في وجه الإرهاب الفكري والعقائدي والإجتماعي.
حبيب عبد الربّ سروري هو كاتب وروائي يمني، بروفيسور في علوم الكومبيوتر في قسم الرياضيات التطبيقية في جامعة روان في فرنسا. من أبرز أعماله الإبداعية: «تقرير الهدهد»، «الملكة المغدورة»، «طائر الخراب»، «أروى» وغيرها...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق