الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

ستة أيام بعد نهاية العالم


ستة أيام بعد نهاية العالم


سينتهي العالم يوماً بالتأكيد، بس مش بكرة ٢١ ديسمبر  ٢٠١٢، (حسب التقويم الزمني لحضارة المايا).
حسب حسابات علماء الفيزياء: بعد أقل من خمسة مليار عام فقط ستصطدم مجرّتنا الحبيبة: "درب اللبانة" بجارتها الغالية: اندروميد. (كل الكلمات تتقزّم، تتلاشى، عندما أتصوّر هذا الاصطدام.)...
أو ربما قبل ذلك الموعد بكثير: إذا لم تتغير السياسة البيئية الأنانية للدول الرأسمالية الغنيّة، سينتهي العالم جرّاء أهم المشاكل التي تعانيها كرتنا الأرضية حاليا: الانتاج المفرط لغازات الاحتباس الحراري، وإزدياد سخونة الكوكب...
***
بعد ستة أيام من نهاية العالم سيتم حفل عقد زفاف العزيزين شذى العليمي ونشوان العثماني في عدَن
سيكون ذلك اليوم حسب اختيارهما المسبق: ٢٧ ديسمبر ٢٠١٢، عيد ميلاد أبي العلاء المعرّي. عيد ميلاد صاحب عبارة: "لا إمام سوى العقل"، (عنوان كتابي القادم الذي سيظهر في بداية العام القادم عن دار رياض الريس)...
 من يدري، عندما تضمحل العقلية الظلامية في مجتمعاتنا العربية، ونبدأ عصر "لا إمام سوى العقل"، سيكون لنا تقويم زمني جديد يبدأ ب ٢٧ ديسمبر ٩٧٣، يوم ميلاد أبي العلاء...

عندها سنقول: كان موعد زفاف شذى العليمي ونشوان العثماني رأس عام ١٠٣٩ بعد الميلاد، بتقويم لا إمام سوى العقل!...

الاثنين، 17 ديسمبر 2012

جنوب ماذا؟



جنوب ماذا؟
حبيب عبدالرب سروري

عندما يسمع أي إنسان خارج اليمن الاسماء الرسمية الكاملة لِبعض الكيانات الجديدة (مثل: "اتحاد أدباء وكتاب الجنوب"، "مؤتمر شعب الجنوب"...) فلن يفهم في أي بقعة جغرافية في العالم توجد هذه الكيانات
لأن كلمة "الجنوب" وحدها نَكِرَةٌ معرفيّاً: لكلِّ بلدٍ جنوب، لكل قارةٍ جنوب، لكلِّ كينونةٍ جغرافيةٍ جنوب، وللعالَمِ جنوبٌ أيضاً...
سيكون سؤاله الطبيعي: "جنوبُ ماذا؟"...

أتذكَّرُ أنه كان يكفي، في جنوب اليمن في الثمانينات من القرن المنصرم، قول "الحزبليفهم الجميع أن ذلك يعني "الحزب الاشتراكي اليمني". 
كان يكفي مثلاً قراءة هذه العبارة الستالينية المريعة: "لا صوت يعلو فوق صوت الحزب" ليفهم الجميع عن أي حزبٍ تتحدث العبارة!...
لكن التسمية الرسمية "للحزب": الحزب الاشتراكي اليمني، كانت ومازالت كاملةً ورائعةً لغويّاً، لا غبار عليها: للموصوف فيها صفة، وللمضافِ مضافٌ إليه... إذا سمعها أي إنسانٍ في العالم خارج اليمن فلن يسأل: "أي حزب؟" (على غرار "جنوب ماذا؟")...
***
وحدهم "علماء نفس اللغة" من يستطيعون تفسير إطلاق هذه التسميات الناقصة (أو أنصاف التسميات)، مع علم مؤلّفيها (وهم جهابذة في علوم اللغة أحياناً!) بأن في ذلك النقص خطأ لغويّاً أساسيّاً، قد لايقبلونه هم أنفسهم من طالبٍ في مدرسةٍ ابتدائية.
***
أظن شخصيّاً أن من يطلق هذه التسميات الناقصة يريد أن يُعبِّر بشكلٍ أو بآخر عن أنهُ: "يتحامق" (أي: يعبس، أو يُقاطع) مثل الطفل عندما يكون غضباناً من شيءٍ ما.
فمقاطعةُ جنوب اليمن لوحدة حرب ١٩٩٤ شيءٌ مفهومٌ ورائعٌ لأنّها وحدة القبيلة المنتصرة، وحدة تحالف عصابة علي عبدالله صالح وعائلته، علي محسن، عائلة الشيخ الأحمر، والزنداني وبقية اللصوص والمجرمين ومُطلقي الفتاوي التي أهانت جنوب اليمن وبرّرت سفك دماءِ سُكّانه...
وعداءُ معظمِ سكّان جنوب اليمن لهذه العصابة الكبرى جليٌّ ومبرّرٌ جدّاً: سيظلّ ثمّة جُرحٌ لن يندمل طالما لم يستعد الجنوب منهم كلَّ ما نهبوه، وطالما لم يتم إيداعهم ذات يوم في سجون اللصوص والمجرمين والقتلة...
ومن نافل القول أن مَدَنِيّي جنوب اليمن يشتركون في عدائهم لهذه العصابة مع كل المدنيّين في شمال اليمن الذين يقاومونها، هم أيضاً، ببسالةٍ وثبات...

لكن ما علاقة هذه العصابة باليمن، ليسقطَ ظلماً اسم هذه الأخيرة من بعض التسميات الجديدة، دون احترام القواعد اللغوية؟ (أليسوا هم تحديداً حلفاء السعودية التاريخيين؟ أليسوا من استنزفَ اليمن وفرّطَ بحدودها التاريخية؟...)
باختصار: ما ذنب كلمة "اليمن" لتختفي من تسميات بعض الكيانات الجديدة؟

خلاصة القول: أن ترمي بالماء القذر (وحدة حرب ١٩٤٩) من حوض الغسيل فذلك شيء طبيعيٌّ ورائع، لكن أن ترمي الطفل الذي يغتسل في الحوض، مع الماء القذر والحوض في نفس الوقت، ففي ذلك تطرُّفٌ في "التحامق" يزعجُ اللغة العربية، ويضاعف آلام الطفلِ الجريح الذي لا ناقة له ولا جمل في جرائم ذابِحه!...